سورة البقرة - تفسير أيسر التفاسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (البقرة)


        


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172)}
{ياأيها} {آمَنُواْ} {طَيِّبَاتِ} {رَزَقْنَاكُمْ}
(172)- كَانَ المُشْرِكُونَ وَأَهْلُ الكِتَابِ قَبْلَ الإِسْلامِ فِرَقاً وَأَصْنَافا: فَمِنْهُمْ مَنْ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ أشْياءَ كَالبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ عِنْدَ العَرَبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَرَّمَ بَعْضَ الحَيَوانِ، وَكَانَ الشَّائِعُ عِنْدَ النَّصَارَى الافْتِتَانُ فِي حِرْمَانِ النَّفسِ مِنَ الطَّيِّبَاتِ، فَقَدْ حَرَّمُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ اللَّحْمَ وَالسَّمْنَ فِي بَعْضِ أنوَاع صَوْمِهِمْ، وَحَرَّمُوا السَّمَكَ وَالَّلبَنَ وَالبَيْضَ فِي بَعْضِهَا الآخَرِ.
وَهذِهِ الأَحْكَامُ وَضَعَهَا الرُّؤَسَاءُ، وَلا وُجُودَ لَهَا فِي التَّورَاةِ، وَلا نُقِلَتْ عَنِ المَسِيحِ، عَلَيهِ السَّلامُ. وَكَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ التَّقَرُّبَ إِلى اللهِ لا يَكُونُ إِلا بِتَعْذِيبِ النَّفْسِ، وَتَرْكِ حُظُوظِ الجَسَدِ، وَقَدْ جَعَلَ اللهُ المُسْلِمِينَ أُمَّةً وَسَطاً تُعطِي الجَسَدَ حَقَّهُ، وَالرُّوحَ حَقَّهَا. وَقَدْ أَبَاحَ اللهُ لِلْمُؤْمِنينَ الأَكْلَ مِنَ الطَّيِّبَاتِ، وَحَثَّهُمْ عَلَى شُكْرِهِ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيهِمْ.


{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173)}
(173)- يُبَيِّنُ اللهُ تَعَالَى لِلمُؤْمِنِينَ مَا حَرَّمَهُ عَلَيهِمْ مِنَ المآكِلِ: المَيْتَةَ (وَهيَ الحَيَوانُ الذِي مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ مِنْ غَيرِ تَذْكِيَةٍ وَلا ذَبْحٍ) والدَّمَ المَسْفُوحَ، وَلَحْمَ الخِنْزِيرِ، وَمَا ذُبِحَ مِنَ الأَنْعَامِ عَلَى غَيْرِ اسْمِ اللهِ كَالأَصْنَامِ، وَالأَوْثَانِ، فَهذا كُلُّهُ حَرَامٌ.
أَمَّا الذِينَ يُضْطَرُّونَ إِلَى أَكْلِ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ المُحَرَّمَاتِ، وَهُمْ لا يَجِدُونَ وَسِيلَةً أُخْرَى لِلْحُصُولِ عَلَى مَا يَسُدُّ رَمَقَهُمْ مِنَ الطَّعَامِ الحَلالِ، مِنْ دُونِ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مَيْلٌ إِلَى تَعَدِّي الحَلالِ إِلَى الحَرَامِ، وَهُمْ يَجِدُونَ عَنْ أَكْلِ الحَرَامِ مَنْدُوحَةً (غَيْرَ بَاغٍ)، وَدُونَ أَنْ يُجَاوِزُوا فِيمَا يَأْكُلُونَ حُدَودَ الضَرُورَةِ الَّتِي تَكْفِي لِسَدِّ الرَّمَقِ، وَحِفْظِ الحَيَاةِ، حَتَّى يَجِدُوا الطَّعَامَ الحَلالَ (عَادٍ)، فَهؤُلاءِ لا إِثْمَ عَلَيهِمْ وَلا مَسْؤولِيَّةَ. وَاللهُ تَعَالَى غَفُورٌ لَهُمْ لِما أَكَلُوا مِنَ الحَرَامِ، رَحِيمٌ بِهِمْ إِذ أَحَلَّ لَهُمُ الحَرَامَ فِي حَالَةِ الاضْطِرَارِ.
وَلا عَادٍ- غَيْرَ مُتََجَاوِزٍ مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ.
غَيْرَ بَاغٍ- غَيْرَ طَالِبٍ لِلحَرَامَ لِلَذَّةٍ أَوِ اسْتِئْثَارٍ عَلَى مُضْطَرٍّ آخَرَ.


{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174)}
{الكتاب} {أولئك} {القيامة}
(174)- يَقُولُ تَعَالَى إِنَّ الذِينَ يُخْفُونَ مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنْ وَحْيِهِ عَلَى رُسُلِهِ، أَوْ يُؤَوِّلُونَهُ أَوْ يُحَرِّفُونَهُ وَيَضَعُونَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، بِرَأْيِهِمْ وَاجْتِهَادِهِمْ، فِي مُقَابِلِ الثَّمَنِ الحَقِيرِ مِنْ حُطَامِ الدُّنيا، كَالرَّشْوَةِ عَلَى ذلِكَ، وَالجُعْلِ (الأجْرِ عَلَى الفَتَاوَى البَاطِلَةِ) وَنَحْوِ ذَلِكَ... وَالذِينَ يَكْتُمُونَ مَا وَرَدَ فِي كُتُبِهِمْ عَنْ صِفَاتِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم (وَهُمُ اليَهُودُ)، وَعَنْ رِسَالَتِهِ وَنُبُوَّتِهِ لِئَلا تَذْهَبَ زَعَامَاتهِمْ، وَرِيَاسَاتُهُمْ إِنْ صَدَّقُوا مُحَمَّداً، وَآمَنُوا بِهِ، وَاتَّبَعَهُ النَّاسُ، وَلِئَلا يَخْسَرُوا مَا كَانَ يَصِلُ إِليهِمْ مِنْ أَموالٍ وَهَدَايَا، وَهُوَ شَيءٌ تَافِهٌ يَسِيرٌ إِذا مَا قُورِنَ بِمَا وَعَدَ اللهُ بِهِ المُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ مِنْ جَزيلِ الثَّوَابِ.. فَهؤُلاءِ إِنَّمَا يَأْكُلُونَ مَا يَأْكُلُونَهُ فِي مُقَابِلِ كِتْمَانِ الحَقِّ نَاراً تَتَأَجَّجُ فِي بُطُونِهِمْ يَومَ القِيَامَةِ، وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ لغَضَبِهِ عَلَيهِمْ، وَلا يُزَكِّيهم، وَلا يَمْدَحُهُمْ وَلا يُثْنِي عَلَيهِمْ، وَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلِيماً.
(وَقِيلَ أَيْضاً في تَفْسِيرِ: مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلا النَّارَ: إِنَّهُمْ لا يَأْكُلُونَ مِنْ ثَمَنِهِ إِلا مَا يَكُونُ سَبَباً لِدُخُولِهِمْ نَارَ جَهَنَّمَ).
ثَمَناً قَلِيلاً- عِوَضاً يَسِيراً.
لا يُزَكِّيهِمْ- لا يُطَهِّرُهُمْ مِنْ دَنَسِ المَعَاصِي.

54 | 55 | 56 | 57 | 58 | 59 | 60 | 61